أسعد الله أوقاتكم بكل خير
ناقشت يوم الثلاثاء هذا الكتاب مع نادي قهوه وكتاب، قبل المناقشة قمت بتلخيص الكتاب لبعض النقاط، وشاهدت العديد من الفيديوهات المرتبطة بالكتاب والكاتب، وسأشارككم بها هنا.
الإسم: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
الكاتب: عبد الرحمن الكواكبي
عدد الصفحات: 261 صفحة
دار النشر: دار الكتاب العربي
الطبعة الأولى 2012
أعمال الكاتب: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد وأم القرى.
نبذة قصيرة عن الكواكبي:
ولد عبدالرحمن الكواكبي عام 1854م في حي الجلوم الصغرى من مدينة حلب السورية، والده أحمد بهائي (أو بهاء الدين أحمد) بن محمد بن مسعود الكواكبي، كان والده من علماء الشرع وقد عمل بأمانة الفتوى بولاية حلب، وعين عضوا في مجلس ادارة الولاية، كما كان خطيبا واماما في مسجد ابي يحيى، ومديرا ومدرسا بالمدرسة الكواكبية والمدرسة الشرفية والجامع الاموي بحلب، وقد اشتهر بتمكنه من علم المواريث وتحرير العقود والصكوك، وتولى قضاء حلب بالوكالة فترة. توفيت والدته وهو في السادسة من عمره، فتربى عند خالته ذات العلم والثقافة ثلاثة اعوام في انطاكية، وعندما عاد الى حلب أتم حفظ القرآن على يدي الشيخ طاهر الكلزي، ثم عاد لأنطاكية ليكمل تلقي العلوم على يد الاستاذ نجيب النقيب، واتقن عبد الرحمن اللغة التركية بجانب العربية والفارسية، وبعد عام عاد الى حلب والتحق بالمدرسة الكواكبية، فدرس العلوم العربية والشرعية الى جانب المنطق والرياضة والطبيعة والسياسة، وبعد تخرجه اشتغل بالتدريس مدة وكان عمره عشرين سنة.
كان عبد الرحمن محبا للقراءة والاطلاع، حريصا على تثقيف نفسه من كافة المصادر الاصلية والمترجمة، يقرأ بالعربية والتركية والفارسية، وكان قلمه مميزا وهو ما جعل والي حلب يوكل اليه وهو في الثانية والعشرين تحرير الجريدة الرسمية للولاية “فرات”، ولكنه كان صاحب فكر حر وطبيعة ثورية، لم يستطع الاستمرار، فقرر أن يصنع لنفسه منبرا خاصا، فأصدر صحيفة الشهباء، اول صحيفة عربية خالصة تصدر في حلب.
الملخص: ملاحظة: هذا الملخص لا يغني عن الكتاب، لخصت الكتاب بطريقتي، ليس تلخيصا شاملا.
ما هو الإستبداد
الاستبداد لغة هو غرور المرء برأيه والأنفة عن قبول النصيحة او الاستقلال في الرأي وفي الحقوق المشتركة.
الاستبداد في اصطلاح السياسيين هو تصرف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف تبعة.
الكلمات المرادفة للاستبداد: استعباد، اعتساف، تسلط، تحكم. وفي مقابلها: مساواة، حس مشترك، تكافؤ، سلطة عامة.
الاستبداد بالوصف: صفة للحكومة المطلقة العنان فعلا او حكما، التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين.
صفة الاستبداد تشمل:
حكومة الحاكم الفرد المطلق الذي تولى الحكم بالقوة والقهر او الوراثة.
الحاكم الفرد المقيد المنتخب متى كان غير مسؤول.
حكومة الجمع ولو منتخبا، لأن الاشتراك في الرأي لا يدفع الاستبداد، وانما قد يعدله الاختلاف نوعا.
الحكومة الدستورية المفرقة فيها بالكلية قوة التشريع عن قوة التنفيذ وعن قوة المراقبة.
أشد مراتب الاستبداد هي حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز على سلطة دينية.
ما من حكومة عادلة تأمن المسؤولية والمؤاخذة بسبب غفلة الأمة أو التمكن من اغفالها إلا وتسارع الى التلبس بصفة الاستبداد، وبعد أن تتمكن فيه لا تتركه وفي خدمتها إحدى الوسيلتين العظيمتين: جهالة الأمة والجنود المنظمة.
تكلم بعض الحكماء في وصف الاستبداد ودوائه:
“المستبد يتحكم في شؤون الناس بارادته لا بارادتهم ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المتعدي فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته”
“المستبد عدو الحق، عدو الحرية وقاتلهما، والحق أبو البشر، والحرية أمهم، والعوام صبية أيتام لا يعلمون شيئا، والعلماء هم اخوتهم الراشدون، إن أيقظوهم هبّوا وان دعوهم لبّوا والا فيتصل نومهم بالموت”
“المستبد يتجاوز الحد ما لم يرَ حاجزا من حديد، فلو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفا لما أقدم على الظلم، كما يقال: الاستعداد للحرب يمنع الحرب”
“المستبد انسان مستعد بالطبع للشر وبالالجاء للخير، فعلى الرعية ان تعرف ما هو الخير وما هو الشر فتلجئ حاكمها للخير رغم طبعه، وقد يكفي للالجاء مجرد الطلب اذا علم الحاكم ان وراء القول فعلا، ومن المعلوم ان مجرد الاستعداد للفعل فعل يكفي شر الاستبداد”
” المستبد يود أن تكون رعيته كالغنم درًّا وطاعة، وكالكلاب تذللا وتملقا، وعلى الرعية ان تكون كالخيل ان خدمت خدمت، وان ضربت شرست، وعليها ان تكون كالصقور لا تلاعب ولا يستأثر عليها بالصيد كله، خلافا للكلاب التي لا فرق عندها اطعمت او حرمت من العظام”
الاستبداد والدين
اجتمعت آراء أغلب العلماء الناظرين في التاريخ الطبيعي للأديان على أن الاستبداد السياسي متولد من الاستبداد الديني.
ان السياسيين يسترهبون الناس بالتعالي الشخصي والتشامخ الحسي، ويذللونهم بالقهر والقوة وسلب الأموال حتى يجعلونهم خاضعين لهم، عاملين لأجلهم يتمتعون بهم.
يحكمون بأن بين الاستبدادين السياسي والديني مقارنة لا تنفك متى وجد أحدهما في أمة جر الآخر اليه.
يبرهنون على أن الدين أقوى تأثيرا من السياسة اصلاحا وافسادا ويمثلون بالسكسون اي الانكليز والهولنديين والأميركان والألمان الذين قبلوا البروتستنية، فأثر التحرر الديني في الإصلاح السياسي والأخلاق أكثر من تأثير الحرية المطلقة السياسية في جمهور اللاتين أي الفرنسيين والطليان والاسبان والبرتغال.
أجمع الكتاب السياسيون والمدققين بالإستناد الى التاريخ والاستقراء من أن ما من أمة أو عائلة أو شخص تنطع في الدين اي تشدد فيه الا واختل نظام دنياه وخسر أولاده وعقباه، والحاصل أن كل المدققين السياسين يرون أن السياسة والدين يمشيان متكاتفين ويعتبرون أن إصلاح الدين هو أسهل وأقوى وأقرب طريق للإصلاح السياسي، وأول من استخدم الدين في الإصلاح السياسي هم حكماء اليونان.
جاء الاسلام مهذبا لليهودية والنصرانية، مؤسسا على الحكمة والعزم هادما للتشريك بالكلية، ومحكما لقواعد الحرية السياسية المتوسطة بين الديموقراطية والارستقراطية فأسس التوحيد ونزع كل سلطة دينية او تغلبية تتحكم في النفوس او في الاجسام، ووضع شريعة حكمة اجمالية صالحة لكل زمان ومكان، وأوجد مدنية فطرية سامية واظهر للوجود حكومة كحكومة الخلفاء الراشدين، وهؤلاء فهموا معنى ومغزى القرآن النازل بلغتهم وعملوا به واتخذوه اماما فأنشأوا حكومة قضت بالتساوي حتى بين أنفسهم وبين فقراء الامة في نعيم الحياة وشظفها، وأحدثوا في المسلمين عواطف اخوة وروابط هيئة اجتماعية اشتراكية لا تكاد توجد بين أشقاء يعيشون بإعالة أب واحد وفي حضانة أم واحدة، لكل منهم وظيفة شخصية، وعائلية وقومية.
الاسلامية مؤسسة على اصول الحرية برفعها كل سيطرة وتحكم، بأمرها بالعدل والمساواة والقسط والاخاء وبحضها على الاحسان والتحابب. وقد جعلت أصول حكومتها: الشورى الارستقراطية اي شورى اهل الحل والعقد في الأمة بعقولهم لا بسيوفهم، وجعل اصول ادارة الامة التشريع الديموقراطي اي الاشتراكي
البدع التي شوشت الايمان وشوهت الأديان كلها تتسلسل بعضها من بعض، وتتولد جميعها من غرض واحد هو الاستعباد.
الاستبداد والعلم
ترتعد فرائص المستبد من علوم الحياة مثل الحكمة النظرية، والفلسفة العقلية، وحقو ق الأمم وطبائع الاجتماع، والسياسة المدنية، والتاريخ المفصل، والخطابة الأدبية ونحو ذلك من العلوم التي تكبر النفوس وتوسع العقول، وتعرف الانسان ما هي حقوقه.
المستبد يخاف من العلماء العاملين الراشدين المرشدين، ويبغض العلم ونتائجه، ولا يحب أن يرى وجه عالم عاقل يفوق عليه فكرا، وعلى هذه القاعدة بنى ابن خلدون قوله: “فاز المتملقون” وهذه طبيعة المتكبرين وفي غالب الناس.
والمستبد يخاف من حاشيته، لأنهم أشقى خلق الله حياة، يرتكبون الجرائم والفظائع لصالح المستبد.
الاستبداد والعلم ضدان متغالبان، فكل ادارة مستبدة تسعى جهدها في اطفاء نور العلم، وحصر الرعية في حالك الجهل.
الاسلام اول دين حض على العلم.
قال المدققون: ان اخوف ما يخافه المستبدون الغربيون من العلم ان يعرف الناس حقيقة أن الحرية أفضل من الحياة، وأن يعرفوا النفس وعزها، والشرف وعظمته، والحقوق وكيف تحفظ، والظلم وكيف يرفع، والانسانية وما هي وظائفها، والرحمة وما هي لذاتها.
ما انتشر نور العلم في أمة قط الا وتكسرت فيها قيود الأسر، وساء مصير المستبدين من رؤساء سياسة او رؤساء دين.
الاستبداد والمجد
من الحكم البالغة للمتأخرين قولهم: “الاستبداد أصل لكل داء”
المجد هو احراز المرء مقام حب واحترام في القلوب، وهو مطلب طبيعي شريف لكل انسان، لا يترفع عنه نبي أو زاهد، ولا ينحط عنه دني أو خامل.
المجد مفضل على الحياة عند الملوك والقُوّاد وظيفة، وعند النجباء والأحرار حمية، وحب الحياة ممتاز على المجد عند الأُسَراء والأذلاء طبيعة، وعند الجبناء والنساء ضرورة.
المجد لا ينال الا بنوع من البذل في سبيل الجماعة.
وهذا البذل اما بذل مال للمنفع العام ويسمى مجد الكرم، وهو أضعف الكرم، أو بذل العلم النافع المفيد للجماعة ويسمى مجد الفضيلة، او بذل النفس بالتعرض للمشاق والأخطار في سبيل نصرة الحق وحفظ النظام ويسمى مجد النبالة، وهذا اعلى النبالة وهو المجد الذي تتوق اليه النفوس الكبيرة.
المجد هو المجد المحبب للنفوس لا تفتأ تسعى ورائه وترقى مراقيه، وهو ميسر في عهد العدل لكل انسان على حسب استعداده وهمته، وينحصر في زمن الاستبداد بمقاومة الظلم على حسب الإمكان.
يقابل المجد التمجد، والتمجد خاص بالادارات المستبدة، وهو القربى من المستبد بالفعل كالأعوان والعمال، أو بالقوة كالملقبين بنحو دوق وبارون … الخ، التمجد هو أن ينال المرء جذوة نار من جهنم كبرياء المستبد ليحرق بها شرف المساواة في الانسانية.
التمجد لا يكاد له أثر في الأمم القديمة الا في دعوى الألوهية، او في دعوى النجابة بالنسب التي يهول بها الأصلاء نسل الملوك والأمراء، وانما نشأ التمجد بالألقاب والاشارات في القرون الوسطى.
المستبد يتخذ المتمجدين سماسرة لتغرير الأمة باسم خدمة الدين او حب الوطن او العبارات الرنانة التي ما هي الا عبارات لتهييج الامة وتضليلها.
والمستبد يجرب أحيانا استخدام بعض العلماء والأذكياء وعندما ييأس من افسادهم يبعدهم وينكل بهم.
ويستخدمون التمجد بالأصالة في الاستبداد، وتنقسم بيوت الأصالة الى ثلاث أنواع: بيوت علم وفضيلة، وبيوت مال وكرم، وبيوت ظلم وامارة، والأخيرة هي الشائعة أكثر.
يستعمل المستبد مع الأصلاء سياسة الشد والرخاء، والمنع والاعطاء، والالتفات والاغضاء كي لا يبطروا، وسياسة القاء الفساد واثارة الشحناء فيما بينهم كي لا يتفقوا عليه، ويذللهم بكل وسيلة، ويستخدم هذا الاسلوب مع العلماء ورؤساء الاديان متى ما شم منهم رائحة الغرور.
الحكومة المستبدة تكون مستبدة في كل فروعها، المستبد هو من لا يجهل ان الناس اعداؤه لظلمه، لا يأمن على بابه الا من يثق بانه اظلم منه للناس، وابعد منه على اعدائه، والأكابر حريصون على أن يبقى الاستبداد مطلقا لتبقى أيديهم مطلقة في الاموال.
الاستبداد والمال
المستبدون لا تهمهم الأخلاق وانما المال، والمال هو تحصيل لذة او دفع ألم.
الاسلام اسس حكومة وضعت قانونا على قاعدة ان المال هو قيمة الاعمال، ولا يجتمع في يد الاغنياء الا بأنواع من الغلبة والخداع.
العدالة المطلقة تقتضي أن يُؤخذ قسم من مال ويرد على الفقراء، بحيث يحصل التعديل ولا يموت النشاط للعمل.
الاسلامية قررت بعض الاصول منها:
انواع العشور والزكاة وتقسيمها على أنواع المصارف العامة وأنواع المحتاجين حتى المدينين.
أحكام محكمة تمنع محذور التواكل في الارتزاق، وتلزم كل فرد من الامة متى اشتد ساعده او ملك قوت يومه او النصاب على الاكثر ان يسعى لرزق نفسه.
ترك الاراضي الزراعية ملكا لعامة الامة
جاءت بقواعد شرعية كلية تصلح للاحاطة بأحكام كافة الشؤون حتى الجزئية الشخصية، وأناطت تنفيذها بالحكومة.
من طبائع الاستبداد انه لا يظهر فيه اثر فقر الامة ظهورا بيانا الا فجأة قُريب قضاء الاستبداد نحبه، واسباب ذلك ان الناس يقتصدون في النسل، وتكثر وفياتهم، ويكثر تغربهم، ويبيعون أملاكهم من الأجانب، فتتقلص الثروة وتكثر النقود بين الأيدي، وبئست من ثروة ونقود تشبه نشوة المذبوح.
ان العاقل من يخفي ذهبه وذهابه ومذهبه، واسعد الناس الصعلوك الذي لا يعرف الحكام ولا يعرفونه.
قرر الأخلاقيون أن الانسان لا يكون حرا تماما ما لم تكن له صنعة مستقل فيها، غير مرؤوس لأحد.
وقال الحكماء: ان العاجز يجمع المال بالتقتير، والكريم يجمعه بالكسب، وقالوا خير المال ما يكفي صاحبه ذل القلة وطغيان الكثرة، ويقال الغنى غنى القلب والغنى من قلت حاجته والغني من استغنى عن الناس، وقال بعض الحكماء: كل انسان فقير بالطبع ينقصه ما يملك.
الاستبداد داء أشد وطأة من الوباء.
الاستبداد والأخلاق
الاستبداد يتصرف في اكثر الاميال الطبيعية والاخلاق الحسنة، فيضعفها او يفسدها او يمحوها، فيجعل الانسان يكفر بنعم مولاه، لانه لم يملكها حق الملك ليحمده عليها حق الحمد، أسير الاستبداد لا يملك شيئا ليحرص على حفظه، الاستبداد يسلب الراحة الفكرية، فتمرض العقول.
لا تكون الاخلاق اخلاقا ما لم تكن ملكة مُطردة على قانون فطري تقتضيه اولا وظيفة الانسان نحو نفسه، وعائلته، وقومه، والانسانية وهذا القانون يسمى عند الناس بالناموس.
اسير الاستبداد لا نظام في حياته ولا اخلاقه، اقل ما يؤثره الاستبداد في اخلاق الناس انه يرغم حتى الاخيار منهم على الفة الرياء والنفاق، ويعين الاشرار على اجراء في نفوسهم آمنين من كل تبعة ولو أدبية، فلا اعتراض ولا انتقاد ولا افتضاح.
اقوى ضابط للاخلاق النهي عن المنكر بالنصيحة والتوبيخ، اي بحرص الافراد على حراسة نظام الاجتماع.
لما كان ضبط أخلاق الطبقات العليا من الناس أهم الأمور، أطلقت الأمم الحرة حرية الخطابة والتأليف والمطبوعات مستثنية القذف فقط، ورأت ان تحمل مضرة الفوضى في ذلك خير التحديد، لانه لا مانع للحكام ان يجعلوا الشعرة من التقييد سلسلة من حديد، ويخنقون بها عدوتهم الطبيعة، اي الحرية.
الخصال تنقسم الى:
الخصال الحسنة الطبيعية كالصدق والامانة والهمة والمدافعة والرحمة، والقبيحة الطبيعية كالرياء والاعتداء والجبانة والقسوة وهذا القسم تضافرت عليه كل الطبائع والشرائع.
الخصال الكمالية التي جاءت بها الشرائع الالهامية كتحسين الايثار والعفو وتقبيح الزنى والطمع وهذا القسم يوجد فيه ما لا تدرك كل العقول حكمته او حكمة تعميمه، فيمثله المنتسبون للدين احتراما او خوفا.
الخصال الاعتيادية وهي ما يكتسبه الانسان بالوراثة او بالتربية او بالإلفة، فيستحسن او يستقبح على حسب أمياله ما لم يضطر الى التحول عنها.
كل الامم المنحطة من جميع الاديان تحصر بَلية انحطاطها السياسي في تهاونها بأمور دينها، ولا ترجو تحسين حالتها الاجتماعية الا بالتمسك بعروة الدين تمسكا مكينا، ويريدون بالدين العبادة.
الدين يفيد الترقي الاجتماعي اذا صادف اخلاقا فطرية لم تفسد، فينهض بها كما نهضت الاسلامية بالعرب.
الاستبداد والتربية
التربية ملكة تحصل بالتعليم والتمرين والقدوة والاقتباس، فأهم أصولها وجود المرابين، وأهم فروعها وجود الدين.
التربية تربية الجسم وحده الى سنتين، هي وظيفة الأم او الحاضنة، ثم تضاف اليها تربية النفس الى السابعة، وهي وظيفة الأبوين والعائلة معا، ثم تضاف اليها تربية العقل الى البلوغ وهي وظيفة المعلمين والمدارس، ثم تأتي تربية القدوة بالأقربين والخلطاء الى الزواج، وهي وظيفة الصدفة، ثم تأتي تربية المقارنة وهو وظيفة الزوجين الى الموت او الفراق، ولا بد أن تصحب التربية بعد البلوغ تربية الظروف المحيطة وتربية الهيئة الاجتماعية، وتربية القانون او سير السياسي، وتربية الانسان نفسه.
التربية علم وعمل، التربية غير مقصودة، ولا مقدورة في ظلال الاستبداد الا ما قد يكون بالتخويف من القوة القاهرة، وهذا النوع يستلزم انخلاع القلوب لا تزكية النفوس.
ان التربية التي هي ضالة الأمم، وفقدها هي المصيبة العظيمة، التي هي المسألة الاجتماعية; حيث الانسان يكون انسانا بتربيته وكما يكون الآباء يكون الابناء، وكما تكون الأفراد تكون الأمة.
والتربية المطلوبة هي التربية المرتبة على اعداد العقل للتمييز ثم على حسن التفهيم والإقناع، ثم على تقوية الهمة والعزيمة، ثم على التمرين والتعويد، ثم على حسن القدوة والمثال، ثم على المواظبة والاتقان، ثم على المتوسط والاعتدال، وأن تكون تربية العقل مصحوبة بتربية الجسم، وتربية النفس.
الاستبداد والترقي
الترقي هو الحركة الحيوية اي حركة الشخوص، الترقي الحيوي الذي يجتهد فيه الانسان بفطرته وهمته هو: الترقي في الجسم، القوة، النفس، العائلة، العشيرة والانسانية.
حركة الترقي والانحطاط في الشؤون الحيوية للانسان انها من نوع الحركة الدودية، التي تحصل بالاندفاع والانقباض، وذلك ان الانسان يولد وهو أعجز حراكا وادراكا من كل حيوان، ثم يأخذ في السير، تدفعه الرغائب النفسية والعقلية وتقبضه الموانع الطبيعية والمزاحمة.
الدين اذا كان مبنيا على العقل، يكون افضل صارف للفكر عن الوقوع في مصائد المخرفين، وأنفع وازع بضبط النفس من الشطط، وأقوى مؤثر لتهذيب الأخلاق، وأكبر معين على تحمل مشاق الحياة، وأعظم منشط على الاعمال المهمة الخطرة، وأجلّ مثبت على المبادئ الشريفة، وفي النتيجة يكون أصح مقياس يستدل به على الأحوال النفسية في الأمم والأفراد رقيا وانحطاطا.
الناظر في القرآن حق النظر يرى أنه لا يكلف الانسان قط بالإذعان لشيء فوق العقل، بل يحذره وينهاه من الايمان اتباعا لرأي الغير او تقليدا للآباء. ويراه طافحا بالتنبيه الى اعمال الانسان فكره ونظره في هذه الكائنات وعظيم انتظامها ثم الاستدلال بذلك أن لهذه الكائنات صانعا ابدعها من العدم.
ان جرثومة دائنا هي خروج ديننا عن كونه دين الفطرة والحكمة، دين النظام والنشاط، دين القرآن الصريح البيان، الى صيغة أنّا جعلناه دين الخيال والخبال دين الخلل والتشويش، دين البدع والتشديد، دين الاجهاد.
لو كان للدين تأثير عند الغربي لما كانت البغضاء بين اللاتين والسكسون، بين الطليان والفرنسيس، الألمان والفرنسيين الغربيين.
الاستبداد والتخلص منه
قواعد رفع الاستبداد:
الامة التي لا يشعر كلها او اكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية/ الاستبداد لا يقاوم بالشدة انما باللين والتدرج/ يجب قبل مقاومة الاستبداد تهيئة ما يستبدل به الاستبداد.
قرر الحكماء أن الحرية التي تنفع الأمة هي التي تحصل عليها بعد الاستعداد لقبولها، واما التي تحصل على أثر ثورة حمقاء فقلما تفيد شيئا، لأن الثورة تكتفي بقطع شجرة الاستبداد ولا تقتلع جذورها فلا تلبث أن تنبت وتعود أقوى مما كانت أولا.
نبه فكر الناشئة العزيزة أن من يرى منهم في نفسه استعدادا للمجد الحقيقي فليحرص على هذه الوصايا:


مجموعة الفيديوهات التي شاهدتها عن محتوى الكتاب والكاتب:
مراجعة كرتونية ل كتاب عبد الرحمن الكواكبي
خارج النص – طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
إقرأ وارتق 2 : طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
سألت الحكيم (15) عبد الرحمن الكواكبي – طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
أسمار وأفكار طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد عبدالرحمن الكواكبي تلخيص الكتاب واهم الاقتباسات
تلخيص رائع ومفصل.. شكرا لك
إعجابLiked by 1 person
على الرحب والسعة 🌷
سعيدة بمرورك هنا
كل الإحترام 🙏🌷
إعجابLiked by 1 person